نسمع في الندوات ووسائل التواصل الاجتماعي وفي الحراكات الشعبیة مطالبات متكررة لتغییر النھج الحكومي في التعامل مع الواقع الأردني إلى درجة تحمیل ھذا النھج كل ما یعتري واقعنا الحالي من تراكمات سلبیة ومظاھر .(Approach (لاختلالات اقتصادیة ومدیونیة متزایدة.
فما ھو المقصود بدایةً بالنھج یعرف القاموس العربي كلمة نھج بالطریقة أو الأسلوب الذي یتبعھ ویسیر علیھ الفرد أو المؤسسة أو الحكومة، والمنھجیة ھي إسلوب حیاة أو عمل والمنھاج العلمي خطة منظمة لعدة عملیات ذھنیة أو حسیة بغیة الوصول إلى System (كشف حقیقة معینة أو سبر غور وضع عملي معین تمھیداً لتعدیلھ أو تغییره أو المحافظة علیه ویمكن القول إن النھج ھو بحد ذاتھ عملیة إتخاذ القرارات في الدولة بما في ذلك.
(Approach Maintenance .
الإختیار بین بدائل الحلول المتاحة للمشاكل والتحدیات وھنا نتساءل ھل الحكومات المتعاقبة التي تعتلي سدة الولایة العامة تتبع نھجاً معیناً في تصدیھا لمشاكل وتحدیات الواقع الأردني, وما ھو الأسلوب النظري الذي تتبناه ھذه الحكومات في التخطیط الذي محصلتھ ھذا الواقع .
المعاش في أدبیات التخطیط ھناك عدة نظریات ولكن ما یھمنا منھا ھنا لتحدید النھج الذي تتبعھ حكوماتنا المتعاقبة ثلاث نظریات ھي النظریة الإضافیة والنظریة الشمولیة العقلانیة والمسح المختلط للمشاكل والتحدیات التي تواجھھا Vs Incrementalism:(الدولة: أي أن عملیة إتخاذ القرار قد تأخذ منھجیة إحدى ھذه النظریات Comprehensive Rationalism or The Mixed Scanning Approach).
على الإضافي النھج یقوم أساس إتخاذ القرارات بسھولة وسرعة للتعامل مع المشاكل الطارئة والإحتیاجات الآنیة دون تحلیل لھذه المشاكل than Singularly (والإحتیاجات وبمقارنات محدودة بین بدائل الحلول فالمشكلة تحل إنفرادیاً ولیس شمولیاً .وأي مشكلة تظھر من جراء ھذا النھج أیضاً یتم التعامل معھا بنفس الأسلوب (Holistically وھذا النھج من شأنھ في الواقع العملي للدول أن یقدم حلولاً صغیرةً وعاجلةً لأوضاع ومشاكل كبیرة ومعقدة تظھر في المجتمعات كالمجتمع الأردني.
وفي ظل ھذا النھج المتحفظ في التخطیط فإننا لا ننتظر قرارات كبیرةً وحلولاً the on Changes Trivial(جذریةً لتغییر الواقع المعاش بل قرا ً رات صغیرةً ینتج عنھا ً تعدیلات بسیطةً Margin).
أما النھج الشمولي العقلاني فینظر لھ البعض على أنھ بطيء وغیر فعال في الأمد القصیر ومكلف لأنھ یحتاج إلى تحلیل علمي ومقارنة بین بدائل الحلول وإخضاع القرار لمبدأ الربح والخسارة وأحیانا لأبحاث إكتواریة ومالیة معقدة تتطلب خبراء ومختصین للقیام بھا ولكنھ یبقى وراء معظم الحلول والتغیرات الجذریة التي حدثت في الدول المتقدمة.
أما نھج المسح المختلط فھو المسار الأوسط بین النھجین الإضافي والشمولي العقلاني والذي قد تلجأ له الحكومات لتلافي سلبیات النھج الأول ومتطلبات النھج الثاني.
ورغم أن النھج الإضافي في التخطیط ھو المسؤول عن معظم الأوضاع السائدة والتي تنتظر حلولاً جذریة في دول العالم الثالث ومنھا الأردن إلا أن ھذا النھج لا یزال یحظى بتأیید كبیر بین الفئات السیاسیة لما لھ من شعبویة في أوساط المجتمعات الریفیة وغیر المتعلمة والفقیرة .
یحفزھا على إعادة إنتاج ھذه الفئات السیاسیة في برلمانات تلك الدول الأمثلة كثیرة على مخرجات وسلبیات كل نھج في الحیاة العملیة وأذكر منھا في القطاع الصحي إتخاذ قرار إنشاء مدینة الحسین الطبیة ومستشفى البشیر ومستشفى الجامعة الاردنیة في حینھ كان وفق النھج الشمولي العقلاني لأنه سد حاجة ملحة وكان ضمن التخطیط الأقلیمي والحضري والتعلیمي في ذلك الوقت, ولكن التعامل حالیا مع مشاكل الأكتظاظ وتحدیات المساحة المتاحة والحاجة لخدمات جدیدة في ھذه المؤسسات یتم وفق النھج الاضافي بتكرارعملیات التوسع الأفقي والعامودي وإضافة أبنیة جدیدة والتفكیر ببناء أبراج وھذا في رأیي لن یحل المشكلة بل سیفاقمھا.
مثال آخر ارتفاع معدل وفیات الأطفال في محافظة أو مدینة أو قریة فیأتي الحل السریع من صانع القرار بإنشاء عیادات للأمومة والطفولة في المنطقة دون دراسة لأسباب الوفیات التي قد لا تكون بسبب نقص الخدمة الطبیة بل لأسباب أخرى كالجھل في الرعایة وعدم النظافة وسوء التغذیة ونقص المیاه الصالحة للشرب, وقس علیھا قرارات في قطاعات أخرى مثل قرارات استحداث وزارات ودوائر وإعادة إلغائھا، وشراء الغاز .
والحلول الإضافیة للطاقة والبیئة وإنشاء بعض المستشفیات والجامعات والمعاھد وغیرھا وفي الختام نقول لمن یطالب بتغییر النھج أن التغییر لیس بالأمر السھل ولا یمكن أن یحدث بكبسة زر بل یحتاج الى وقت ومسار تدریجي ورأي خبراء مدعماً بإرادة سیاسیة لإحداث الإنتقال من نھج أوصلنا إلى ما نحن علیھ إلى نھج یحقق لنا نمواً اقتصادیاً اسثماراً رأسمالیاً ناجعاً واستقراراً مالیاً وكفایة ذاتیة ورضاً شعبیاً على المدى البعید.
.وكل عام وأردننا بخیر وعافیة, والله من وراء القصد
فريد سليم مصاروة
مستشار إداري ومالي وقضائي لهيئة مديرين مستشفى عمان الجراحي