تطور علم الإدارة كما نعرفه في العصر الحالي مع بداية الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، حيث ظهر العديد من النظريات الإدارية بدأت مع المهندس Fredric Taylor صاحب نظرية الإدارة العلمية ويتمثل جوهرها في تبسيط العمل والتعاون بين الإدارة والعاملين ومواصلة تطوير مهارات العاملين، وبعد ذلك نظرية Henry Fayol حيث وضع أربعة عشر مبدءًا في الإدارة من تخطيط وتنظيم وتنسيق ورقابة ...إلخ، وهي لاتزال مرجع في عالم الإدارة، أما نظرية العلاقات الانسانية وغيرها من النظريات في الفكر الإداري ولا مجال هنا لذكرها (هذه النظريات متوفره في المؤلفات العربية والأجنبية وكذلك في المواقع الإلكترونية).
ولكن ما يهمنا هنا الإدارة في الوقت الحاضر حيث ازداد عدد الشركات بصورة كبيرة وازدادت حدة المنافسة فيما بينها لاكتساب الزبائن والمحافظة عليهم وتوسيع الحصة السوقية لها، كانت هذه الشركات تعمل على تطبيق الوظائف الإدارية من تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة حيث يُطلق عليها في الفكر الإداري بالوظائف الإدارية المتعاقبة كونها تتم من خلال التتابع والوظائف الأخرى بالوظائف الإدارية المستمرة وهي الاتصالات وصناعة الشركة والإدارة العليا بصورة يومية.
ولكن مع العولمة وزوال الحدود بين الدول والتقدم التكنولوجي ازدادت حدة المنافسة بين الشركات سواء كانت صناعية و/أو خدمية، وحتى تحافظ هذه الشركات على بقائها في السوق وتحقيق الميزة التنافسية عن غيرها من الشركات المنافسة، بدأت تفكر هذه الشركات بطرق جديدة وبدأ المستشارين بتقديم خدماتهم الاستشارية لهذه الشركات وازدادت البحوث العلمية المتعلقة بتطوير أعمال هذه الشركات من خلال ما يُعرف "بالتخطيط الاستراتيجي" وهو مفهوم مستنبط من الفكر العسكري الذي يُركز على كسب المعارك في ساحة الحرب، أما الشركات فلتحافظ على بقائها في السوق من خلال منتجاتها و/أو خدماتها وتحقيق الميزة التنافسية سواء من خلال جودة منتجاتها و/أو خدماتها وبأسعار معقولة وخدمة الزبائن بصورة أفضل من منافسيها.
وازدادت البحوث العلمية التي تعالج التخطيط الاستراتيجي، تم وضع خطوات للتخطيط الاستراتيجي وتتمثل في وضع رؤية ورسالة وغايات وأهداف وتحليل للبيئة الداخلية للشركة والبيئة الخارجية التي تمارس بها الشركة أعمالها، وبعد ذلك صياغة الاستراتيجية وتنفيذها وأخيراً عملية تقييم النتائج من حيث هل تم تحقيق الأهداف التي تم تحديدها وبيان نقاط الضعف في التنفيذ والعمل على تصويبها، وبطبيعة الحال يجب تحديد الأخطاء قبل حدوثها فعليًا.
وتتمثل الرؤية بعبارة أين نحن الآن وإلى أين نريد أن نصل؟ ماذا تريد أن تحقق الشركة خلال السنوات القادمة (خمس سنوات فأكثر) ويجب أن تكون الرؤية حقيقية وليس عبارات توضع في مداخل الشركات و/البنوك و/أو المؤسسات دون تطبيق فعلي لها. أما الرسالة فهي جوهر عمل الشركة على سبيل المثال الجامعات تكمن رسالتها في التعليم والبحث العلمي. وتتمثل الخطوة الهامة في وضع الاستراتيجية تحليل البيئة الداخلية للشركة لمعرفة نقاط قوتها ونقاط ضعفها وتحليل البيئة الخارجية لمعرفة التتهديدات التي من المحتمل أن تواجهها الشركة/ المؤسسة، وماهي الفرص التي من الممكن الاستفادة منها فهناك العديد من العوامل الخارجية التي تؤثر على الأعمال وقد تكون عوامل في البيئة الصغيرة مثل الموردين والزبائن والعملاء ...، أما البيئة الكبيرة مثل الاقتصاد وعوامل العرض والطلب والتشريعات التي تضعها الحكومات والعوامل السياسية.
وبطبيعة الحال باستخدام التفكير الاستراتيجي والذي يتم من خلال جلسات العصف الفكري لفرق العمل ووضع خيارات وتحويل هذه الخيارات إلى قرارات استراتيجية وخطة استراتيجية وإجراءات للوصول إلى الغايات والأهداف التي تم تحديدها أو التي ترغب الشركة/ المؤسسة تحقيقها والوصول إليها.
د. عوني إبراهيم الهلسا
الرئيس التنفيذي