في مقالة للدكتور إبراهيم سيف في جريدة الغد المؤرخة 06/07/2020 وضح بشكل واقعي وعلمي أسباب خسارتنا لميزة الموارد البشرية والتي كانت في فترة سابقة يُضرب بها المثل في المهارة والقدرة والمعرفة والفعالية والالتزام،خاصة في الدول الخليجية التي يعمل بها خريجو جامعاتنا الأردنية وخاصة خريجي الجامعة الأردنية وجامعة اليرموك ولكن ما الذي حدث؟؟
في إحدى لقاءاتي مع أحد رؤساء ديوان الخدمة المدنية في فترة سابقة وكان يتحدث في البحث عن مدرسين ومدرسات للعمل في وزارة التربية والتعليم، وذكر السبب في ذلك بأن هناك نزيف مستمر من المدرسين والمدرسات والعاملين في المدارس الحكومية والهجرة للعمل في دول الخليج خاصة بعد الطفرة النفطية، أي بعد عام 1973. الأمر الذي تطلب سد الفراغ في مدارسنا الحكومية، حيث بدأت التعيينات في المدارس -معلمين ومعلمات- دون النظر إلى القدرة والكفاءة والمهارة أو حتى الشهادة العلمية، الأمر الذي انعكس سلبًا على مستوى خريجي المدارس بشكل عام وظهر ذلك في الجامعات الحكومية والخاصة من المستوى الضعيف من مخرجات هذه الجاممعات من ضعف. وتزايد عدد الخريجين خاصة من التخصصات التي لا يحتاج لها سوق العمل وحتى التخصصات التي عليها طلب في السوق لضعف المعرفة والمهارة اللازمتين لشغل وظائف معينة.
الظاهرة معروفة لدى الحكومة وكذلك لأصحاب العمل وزاد عددالعاطلين عن العمل وحتى لدى الدول التي كانت تستقطب خريجي الجامعات الأردنية إضافة إلى إرسال أبنائها للدراسة في هذه الجامعات واكتشفت في نهاية الأمر ضعف طلبتها ووضعت مايُشبه الفيتو (VETO) على خريجي الجامعات الخاصة والتي اهتمت للأسف بالناحية المادية وليس بجودة التعليم، أي كان الهدف ماديًا.
والسؤال هنا ما الحل أمام هذه الظاهرة؟
باعتقادي يجب إعادة تأهيل الخريجين من خلال برامج تدريبية متخصصة ولكن ليس بالطريقة المتبعة حاليًا من معظم دكاكين التدريب الحالية والتي لا تقدم أي مهارة ومعرفة للمتدربين وذلك حسب رأي العديد من المشاركين في هذه البرامج.
وهنا يجب انشاء جناح خاص في معهد الإدارة العامة واختيار شخصية تتمتع بالمسؤولية والقدرة والمعرفة يتولى الإشراف على برامج إعادة التأهيل واستقطاب أكفاء المدربين لتنفيذ هذه البرامج وليس على" مبدأ التنفيعة" ولن يتم تخريج أي متدرب إلا بعد اجتياز العديد من الاختبارات وكذلك إجراء المقابلات وكذلك تشجيعهم على أهمية ريادة الأعمال وبعد تقديم مقترح لمشروع قابل للنجاح. فالتدريب وإعادة التأهيل يجب أن يعكس حاجة سوق العمل الأردني والإقليم بحيث تزويدهم بالمهارات والقدرات المطلوبة للوظائف.
ونذكر هنا وبصورة سريعة ماتم مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أصدر الرئيس ترامب بروتوكولاً جديدًا للتوظيف الحكومي وأصدر أمرًا تنفيذيًا بتوجيه تعليمات لفروع الحكومة الفيدرالية بالتركيز على المهارات بدلاً من الشهادات الجامعية في اختيار الموظفين الفيدراليين ولا يعني ذلك إلغاء شروط الحصول على الدرجة العلمية من أجل التوظيف ولكن إعطاء الأولوية لمهارات الوظيفة وأعتقد أن العديد من الشركات التكنولوجية تطبق هذا الأسلوب.
د. عوني إبراهيم الهلسا
الرئيس التنفيذي